في أغلب المدارس يحفظ الطلاب المعلومات بدون فهمها أو ربطها بالحياة العملية حفظًا نظريًا بدون تطبيق عملي، والهدف هو استرجاعها للإجابة عن الأسئلة في الامتحان فقط والحصول على علامة النجاح والانتقال للمرحلة الأعلى، ولكن ماذا لو أصبح التقييم معتمداً على المشاريع بدلاً من الامتحانات؟
من المؤكد أن الاعتماد على نتائج الامتحانات فقط في تقييم الطلاب هو أسلوب تقليدي لم يعد يجدي نفعًا، والتوجه الحديث نحو التقييم بالاعتماد على المشاريع يعود بالفائدة على الطلاب والعملية التعليمية بشكل عام وهذا ما سنتطرق للحديث عنه بالتفصيل من خلال مقالنا اليوم.
ما هو الهدف من التقييم؟
يعتبر التقييم جزءًا أساسيًا من العملية التعليمية ولا يمكن الاستغناء عنه، وتتم من خلاله معرفة مستوى الطلاب ومدى فهمهم ولمعرفة الهدف من التقييم سنوضحه من خلال النقاط التالية:
- تحفيز الطلاب، حيث يسعى الطالب لبذل المزيد من الجهد لتحصيل نتائج أفضل في التقييم.
- تساعد المعلم على تقييم المنهاج من خلال معرفة مواطن الضعف والقوة فيه ومدى فعاليته ومدى ملاءمته للطلاب.
- من خلال التقييم من الممكن معرفة الحاجات الفردية والفروقات بين الطلاب والعمل على محاولة تحديد حاجة كل طالب حسب قدراته.
- يتمكن الآباء من خلال التقييم معرفة مستوى أبنائهم ومدى تقدمهم وتطورهم الأكاديمي.
ما هو التقييم القائم على المشروعات بدل الامتحانات؟
هناك العديد من أدوات التقييم وتعتبر المشاريع أحد أهم الأدوات الحديثة في التقييم وسنتعرف من خلال فقرتنا التالية عن التقييم القائم على المشاريع بالتفصيل.
يمكننا شرح هذا النوع من التقييم بأنه يكون من خلال قيام الطلاب بمشروع يعالج مشكلة من الواقع، يحصل الطلاب على المعلومات والمعرفة من خلال بحثهم أثناء القيام بتنفيذ المشروع.
بالإضافة لما سبق يحتاج الطلاب أثناء التعلم وتنفيذ المشاريع إلى البحث والتحليل والتطبيق العملي وحل المشكلات التي تواجههم للوصول في نهاية المشروع إلى النتائج.
وبعد الانتهاء يقوم المعلم بتقييم أداء الطلاب ومدى فهمهم بالاعتماد على المشروع ومدى قدرتهم على تحقيق الأهداف المطلوبة ونجاح مشروعهم.
ماذا لو أصبح التقييم معتمداً على المشاريع بدلاً من الامتحانات؟ ما هي فوائد التعلم القائم على المشاريع؟
في الفترة الحالية أصبح التقييم بالاعتماد على الامتحانات يتعرض للكثير من الانتقادات حول مدى فاعليته، وبدأت الدراسات الحديثة في التعليم تتجه نحو التقييم بالاعتماد على المشاريع لما لها من فوائد على الطلاب وعلى جودة التعليم وسنذكر بعض فوائد التعلم القائم على المشاريع من خلال النقاط التالية:
- له دور كبير في تنمية مهارات القرن الـ21 لدى الطلاب كالتفكير النقدي، ومهارة حل المشكلات، والتواصل الفعّال وغيرها.
- تظهر من خلاله القدرات الإبداعية والابتكار عند الطلاب، فهو يتطلب اقتراح عدة احتمالات أو حلول لمشكلة معينة.
- يربط المعرفة بالواقع مما يعزز خبرات الطلاب ويكسبهم القدرة على التعامل مع المشكلات بواقعية.
- يمكن من خلاله معرفة الاحتياجات الفردية لكل طالب وبناء التعليم الفردي لكل طالب بحسب قدراته.
- يحقق التعليم بالاعتماد على المشاريع فهمًا أعمق وتخزينًا للمعلومات بشكل أفضل، فالطالب الذي يقوم ببناء مجسم لجسر مصغر لن ينسى الخطوات التي قام بها بنفسه لبنائه ولن ينسى المشكلات التي واجهته وكيف تمكن من حلها، أما من خلال التعليم التقليدي سيقرأ
مفاهيم مجردة عن طريقة بناء الجسر ويحفظها وفي الغالب لن يتذكر كل التفاصيل.
- يعزز مهارات الطلاب القادرين على القيادة وتحسين المهارات الاجتماعية.
- سيكون التعليم مبنيًا على التطبيق العملي بعيدًا عن الجانب النظري الممل.
- يجعل التعليم ممتعًا ويحفز الطلاب على الاكتشاف والتجربة خلال تنفيذ المشاريع.
- يعزز الدافعية في التعلم وجذب انتباه الطالب وإثارة فضوله لكل التفاصيل بعيدًا عن الملل وتشتت الانتباه في الطرق التقليدية.
- يعزز مهارات التعاون والتنسيق بين الطلاب فهم ينفذون المشروع بشكل جماعي ويحتاجون لتوزيع المهام بينهم.
- يتعلم الطلاب مهارة إدارة الوقت، فهم مُلزمون بتسليم المشروع في وقت محدد وهذا يحتم على الطلاب أن يكون لديهم الوعي الكافي لعدم إضاعة الوقت على تفاصيل ثانوية.
- تنمية الإحساس بالمسؤولية فالطالب هو الذي يبحث ويتخذ القرارات ويحل المشكلات، وهو المسؤول عن المشروع بكل مراحله.
- تعزيز ثقة الطالب بنفسه، فهو الذي قام بكل الخطوات حتى تمكن من ابتكار شيء جديد أو حل مشكلة معينة، وخلال التقييم هو القادر على شرح التفاصيل عن مشروعه والإجابة عن التساؤلات.
- التقييم بالاعتماد على المشروع يعتبر تقييم عادل وشامل فهو لا يعتمد على نتيجة اختبار أو امتحان نهائي فقط، هو أعمق من ذلك بكثير فهو يقيّم رحلة إعداد المشروع بكل خطواتها، من حيث التفكير في الحل والتعاون بين الطلاب وكل المهارات التي رافقت مراحل الإعداد، يسلط الضوء على الجوانب الناجحة ويترك المجال أمام الطالب للتفكير في تقديم مقترحات ليكون المشروع أفضل لو أُعيدت التجربة، وما هي العثرات والأخطاء التي واجهت المشروع.
وبهذا يتضح لنا أن التقييم القائم على المشروعات هو المسؤول عن تنمية مهارات الطلاب وإشعال حماسهم نحو التعلم والاكتشاف لما له من دور كبير بربط المعارف النظرية بالحياة العملية وتطبيقها على أرض الواقع.
ما هي عيوب التعلم القائم على المشاريع؟
على الرغم من أن التعلم القائم على المشاريع أثبت نجاحه وحقق العديد من الفوائد إلا أنه هناك بعض التحديات والعيوب التي تواجهه ويمكن تلخيصها بالتالي:
- يحتاج الكثير من الوقت لتنفيذه ويجب أن يكون المعلم واعٍ لهذه النقطة ويساعد طلابه على تجاوزها من خلال تنظيم مراحل المشروع كي لا يتجاوز الوقت المحدد لإعداده.
- يتطلب الكثير من البحث والتخطيط وقد يجد الطلاب أنفسهم مشتتين وبحاجة لتوجيه.
- في أغلب الأحيان تحتاج المشاريع لأدوات ولوازم موارد مالية وتقنية مما قد يزيد الأعباء على المدارس لتنفيذ المشاريع.
- يتطلب تدريب وإعداد المعلمين للتكيف مع هذا النوع من التعليم والتقييم فدور المعلم اليوم كموجه ومرشد ولم يعد دوره تقديم المعلومة جاهزة.
- غياب الوعي المجتمعي حول فعالية الاعتماد على المشاريع في التقييم بدل الامتحانات، فقد يواجه هذا النوع من التقييم الرفض من بعض أولياء الأمور وحتى المعلمين.
- قد يكون هناك تفاوت وعدم تكافؤ في مشاركة الطلاب، حيث من الممكن أن يبذل أحد الطلاب المشاركين في المشروع جهدًا كبيرًا مقارنة بغيره الذي قد تكون مشاركته ثانوية.
ما هو دور المعلم في التعلم القائم على المشاريع؟
يختلف دور المعلم في التعليم القائم على المشاريع بشكل كامل عن التعليم التقليدي، فهو يتحول من الملقن الذي يسرد الدرس ويشرحه شفهيًا والطلاب ينصتون، إلى الموجه والمساعد للطلاب وهم يخططون وينفذون ويبتكرون، ويمكن تلخيص دوره ومهامه من خلال النقاط التالية.
- يوجه الطلاب ويساعدهم في اختيار المشكلة أو السؤال الذي يحتاج للبحث عن حل له.
- يرسم لهم خطة السير والعمل من خلال توجيههم بدون تقديم أي إجابات مباشرة وجاهزة.
- يقيم الأداء خطوة بخطوة خلال تنفيذ المشروع ويوجههم في كل مرحلة لتحسين الأداء.
- يرشدهم نحو المصادر الموثوقة أو الطرق الصحيحة للبحث من خلالها عن حلول للمشكلة التي يعالجونها.
- له دور جوهري في تقسيم المهام وتنسيق التفاعل بين الفريق وحل الخلافات بينهم إن وجدت.
- يشجع طلابه باستمرار ويحفزهم للبحث والتفكير والإبداع.
- وبعد الانتهاء من المشروع يقوم بتقييم المشروع والتأكد من الوصول للفهم والهدف المطلوب من إعداد وتنفيذ المشروع.
تعرف ايضا على:
- التقييم والتقويم والفرق بينهما
- تقنيات التقييم الحديثة في التعليم الالكتروني
- أتمتة تقييمات الطلاب باستخدام الذكاء الاصطناعي
- أنواع التقويم التكويني
- ماذا لو شارك أولياء الأمور بشكل أكبر في تعليم أبنائهم؟
الخاتمة:
تعرفنا على أن التقييم في التعليم جزء أساسي في العملية التعليمية وأنه يساعد في تحسين جودة التعليم ورفع كفاءته، وكانت من أهم القضايا التي تناولناها من خلال مقالنا هي الإجابة عن سؤال ماذا لو أصبح التقييم معتمداً على المشاريع بدلاً من الامتحانات؟
حيث أثبت التقييم من خلال المشاريع أنه الأفضل من حيث تنمية المهارات وإعداد الطلاب لمواجهة التحديات المستقبلية وتمكينهم من حل المشكلات، وقد حقق نجاحًا في العديد من الدول، حيث تحسن مستوى فهم الطلاب ومدى تحفيزهم للتعلم.
