مقالات متنوعة

يلعب التقييم التكويني دورًا محوريًا في عملية التدريس الفعّالة، فهو ليس نشاطًا يتم بعد انتهاء العملية التعليمية فقط، بل هو عملية مستمرة تُدمج مع التعلم ذاته. وفقًا لبيل وكوي (Bell and Cowie, 2000)، فإن التقويم التكويني يشير إلى تقديم تغذية راجعة للطلاب والمعلمين حول عملية التعلم أثناء حدوثها وليس بعدها.

تساعد هذه التغذية الراجعة في الكشف عن فهم الطلاب، وتحديد المفاهيم الخاطئة، وتوجيه الخطوات التالية في عملية التعليم. ويعتبر التقييم التكويني تقويم تشخيصي ويتطلع إلى المستقبل، ويركز على التطوير والتحسين وليس مجرد إصدار الأحكام الوقتية.

يقدم فراي وفيشر وغونزاليس (Frey, Fisher, and Gonzalez, 2010) تشبيهًا رائعا يتصورون فيه التقويم التكويني بأنه يشبه جهاز الملاحة GPS؛ فهو يعطي المعلومات الفورية التي تمكن المعلمين من تعديل مسارهم التعليمي بناءً على وضع الطلاب. بالمقابل، والتقويم الختامي هو الوجهة النهائية التي توضح مدى ما تم تعلمه بعد انتهاء الرحلة.


التقويم التكويني أنواعه وأدواته


ما هو التقويم التكويني؟

يعد مفهوم التقويم البنائي أو التكويني من الركائز الأساسية في التعلم الحديث؛ فهو أسلوب تعليمي مستمر يُركز على متابعة أداء الطلبة خلال الدروس والأنشطة اليومية. والهدف الأساسي من هذا النوع من التقويم هو رصد تقدم الطلاب بشكل دوري، والكشف المبكر عن نقاط القوة والضعف لديهم، مما يسمح للمعلمين باتخاذ خطوات تصحيحية فورية. 

ولا يقتصر دور التقويم التكويني البنائي على إعطاء تغذية راجعة فحسب، بل يساهم في تعزيز مشاركة الطلاب وإشراكهم بشكل فاعل في عملية التعلم، مما يجعلهم أكثر قدرة على تنظيم تعلمهم وتحسين أدائهم بشكل مستمر.


التقويم التكويني المستمر

يُعد التقويم التكويني المستمر أحد أهم مكونات التعليم الفعال، حيث لا يقتصر على لحظة واحدة أو نشاط معين، بل يمتد طوال فترة التعلم. يتميز هذا النوع من التقويم بمرونته العالية، إذ يُطبّق بصورة متكررة في كل حصة دراسية تقريبًا، من خلال الأسئلة المفتوحة، ومهام الأداء، والمناقشات، والاختبارات القصيرة غير الرسمية. 

ويهدف هذا النهج إلى مراقبة تقدم الطلبة لحظة بلحظة، وتعديل الخطط التعليمية بشكل فوري لتلبية احتياجات المتعلمين الفردية. وبفضل هذا الاستمرار، يتمكن المعلمون من بناء صورة دقيقة عن تقدم الطالب في العملية التعليمية، مما يساعد في تقديم دعم مخصص وتحقيق نتائج تعليمية أفضل.


خصائص التقويم التكويني

يمتاز اسلوب التقويم التكويني بعدة خصائص تميزه عن أنواع التقويم الأخرى، منها:

  • مستمر ودائم: يحدث أثناء العملية التعليمية وليس بعدها.

  • مدمج بالتدريس: يُدمج مع الأنشطة اليومية وليس منفصلاً.

  • تغذية راجعة فعّالة: يقدم ملاحظات واضحة وقابلة للتنفيذ.

  • متمركز حول الطالب: يشرك الطلاب في فهم أهدافهم وتقييم تعلمهم.

  • مرن وقابل للتكيّف: يُستخدم فورًا لتعديل الاستراتيجيات التعليمية.

  • منخفض المخاطر: لا يُستخدم للتقييم النهائي بل يركز على النمو والتطور.

  • هادف: يعتمد على أهداف تعليمية واضحة مشتركة مع الطلاب.

  • تعاوني: يشجع التقييم الذاتي وتقييم الأقران.

  • متعدد الأشكال: يمكن تطبيقه عبر الأسئلة، المناقشات، الملاحظات، الاختبارات القصيرة وغيرها.

  • يراعي العدالة التعليمية: يساعد على سد فجوات التعلم في مرحلة مبكرة.


أنواع التقويم التكويني

هناك أنواع عديدة من التقويم التكويني في المراحل التعليمية من رياض الأطفال إلى الثانوية، وجميعها تركز و تهدف إلى استخدام التغذية الراجعة لدعم التعلم، وليس لإعطاء درجات فقط:


أنواع التقويم التكويني


  1. التفاعل غير الرسمي في الصف: ملاحظات وأسئلة خلال الدروس لفحص الفهم مباشرة.

  2. الاختبارات التكوينية المخطط لها: مثل بطاقات الخروج أو الأسئلة الافتتاحية أو الاختبارات القصيرة غير المحتسبة في الدرجات.

  3. التغذية الراجعة من خلال المهام: مثل المقالات والمشاريع التي تعطى فيها ملاحظات تفصيلية بدلًا من مجرد درجات.

  4. تقييم الأقران: يقيّم الطلاب أعمال بعضهم البعض بناءً على معايير واضحة.

  5. التقييم الذاتي: يقوم الطلاب بتقييم تعلمهم عبر قوائم مراجعة لبناء مهارات التفكير المتعمق.


فوائد التقويم التكويني

من أهم فوائد التقويم التكويني في التعليم:

  • تحسين التحصيل الدراسي: يساعد في رصد وتصحيح سوء الفهم مبكرًا.

  • تقليل فجوات التحصيل: يستفيد منه الطلاب الأقل تحصيلاً بتقديم دعم في الوقت المناسب.

  • زيادة الدافعية: يشعر الطلاب بسيطرة أكبر على عملية التعلم، مما يعزز الدافعية.

  • تقوية التدريس: يوفر للمعلمين تغذية راجعة مستمرة لتحسين جودة التعليم.

  • تحسين العلاقات: يشجع الحوار المستمر بين المعلم والطالب.

  • تعزيز مهارات التعلم المستمر: تطوير التنظيم الذاتي والمثابرة و التفكير النقدي.


مثال على التقويم التكويني

خلال درس في مادة العلوم، يطرح المعلم سؤالًا مفتوحًا مثل: "ما الفرق بين التغير الفيزيائي والتغير الكيميائي؟" ويطلب من الطلاب مناقشته في مجموعات صغيرة ثم مشاركة إجاباتهم شفهيًا. يستخدم المعلم إجاباتهم لرصد مدى فهم المفاهيم وتصحيح أي لبس أو خطأ فورًا، ويعدل شرحه أو يعطي أمثلة إضافية إذا لزم الأمر. هذا المثال يعكس تطبيقًا عمليًا للتقويم التكويني داخل الصف.

وفي مادة الرياضيات، يمكن للمعلم أثناء شرح مفهوم القسمة المطولة، أن يطلب من الطلاب حل مسألة بسيطة على السبورة مثل: "اقسم 96 على 4"، ثم يناقش خطوات الحل مع الطالب أمام زملائه. إذا لاحظ المعلم صعوبة في خطوة معينة، يقوم بإعادة شرحها أو تقديم تمرين مشابه لتوضيح الفكرة، مما يساهم في تعديل المسار التعليمي في الوقت الفعلي.


أدوات التقويم التكويني

أشهر أدوات التقويم التكويني:

  • كاهوت Kahoot: منصة تفاعلية للاختبارات الممتعة والتفاعلية.

  • نماذج قوقل Google Forms: تمكن من إنشاء اختبارات سريعة وجمع تغذية راجعة مباشرة.

  • Quizizz: اختبارات مرحة تناسب وتيرة الطلاب.

  • Quizalize: يوفر بيانات لحظية لتتبع تقدم الطلاب.

  • Socrative: اختبارات حية وبطاقات خروج لفحص سريع.

  • Edpuzzle: تحويل الفيديوهات إلى دروس تفاعلية.

  • Plickers: جمع استجابات الطلاب فورًا باستخدام بطاقات خاصة.

  • Quizlet: بطاقات تعليمية وألعاب تفاعلية.

  • Mentimeter: استطلاعات واختبارات تفاعلية أثناء الدرس.


مراحل التقويم التكويني

تقويم التكويني بعدة مراحل متتابعة لضمان تحقيق أهدافه بفعالية، وهي:

مراحل التقويم التكويني

  1. تحديد الأهداف التعليمية بوضوح: صياغة الأهداف وتوضيح معايير النجاح للطلاب.
  2. جمع الأدلة والملاحظات: استخدام الأنشطة والأسئلة التفاعلية لرصد تقدم الطلاب بشكل مستمر.
  3. تحليل البيانات وتفسيرها: تقييم أداء الطلاب لتحديد نقاط القوة والفجوات في التعلم.
  4. تقديم تغذية راجعة دقيقة: تقديم ملاحظات محددة تساعد الطلاب على تصحيح الأخطاء وتطوير مهاراتهم.
  5. تعديل استراتيجيات التدريس: إجراء تغييرات في طرق التدريس أو الأنشطة بناءً على نتائج التحليل.
  6. إشراك الطلاب في التقييم: تعزيز مهارات التقييم الذاتي وتقييم الأقران لتطوير مهارات التعلم الذاتي.
  7. تكرار العملية بانتظام: استمرارية هذه الخطوات لضمان تحسين مستمر ومستدام في عملية التعلم.


الفرق بين التقويم التكويني والتشخيصي

يكمن الفرق الأساسي في أن التقويم التكويني مستمر ويحدث أثناء التعليم، بينما التقويم التشخيصي يستخدم لتحديد مستوى الطلاب قبل بداية التدريس أو عند الحاجة إلى تحديد مستوى المعرفة والمهارات لدى الطلاب في مرحلة محددة.


الفرق بين التقويم التكويني والختامي

يكمن الفرق بين التقويم التكويني والختامي في الهدف والتوقيت وكيفية استخدام النتائج؛ فالتقويم التكويني عملية مستمرة تتم أثناء العملية التعليمية وتهدف إلى تحسين وتطوير تعلم الطلاب من خلال التغذية الراجعة المباشرة وتعديل أساليب التدريس. في المقابل، يُجرى التقويم الختامي أو النهائي بعد الانتهاء من فترة تعليمية محددة، ويهدف إلى قياس مستوى تحصيل الطلاب النهائي وتحديد مدى تحقيق الأهداف التعليمية، وعادةً ما يُستخدم في إصدار درجات أو تقييم أداء الطلاب بشكل نهائي دون أن يؤثر مباشرة في تعديل العملية التعليمية الجارية.


تعرف أيضا على:

التقويم والتقييم والفرق بينهما وأهميتهما في تحسين التعلم

تقنيات التقييم الحديثة في التعلم الإلكتروني

استخدام ايباد لتقييم أعمال الطلاب في الفصول الدراسية


الخلاصة:

في الختام، يمكن القول إن التقويم التكويني ليس مجرد أداة تقييم بل هو نهج تعليمي شامل يدعم التعلم النشط ويعزز دور الطالب في بناء معرفته. من خلال تطبيق استراتيجيات التقويم التكويني المستمر، يستطيع المعلمون تحسين جودة التعليم وتقليص الفجوات التعليمية بفعالية. إن فهم مفهوم التقويم التكويني واستخدام أدواته المتنوعة يعود بالفائدة على الطلاب والمعلمين على حد سواء، ويساهم في تحقيق تعليم تفاعلي وهادف. لذا، فإن تبني هذا النوع من التقويم في البيئة الصفية يشكل خطوة أساسية نحو تعليم عصري ومؤثر. 

-----------------------

المصدر

تمت ترجمة هذا المقال وتكييفه لغرض تثقيفي وتعليمي، والمصدر الأصلي هو:

Formative Assessment: Types and Tools – By Med Kharbach, PhD | Last Update: May 5, 2025
https://www.educatorstechnology.com/2025/05/formative-assessment-types-and-tools.html

تعليقات