مقالات متنوعة

تطبيق نظرية الذكاءات المتعددة في التعلم الإلكتروني

تم تطوير نظرية الذكاءات المتعددة في عام 1983 من قبل هوارد إيرل جاردنر، ونُشرت لأول مرة في كتابه  Frames of Mind: The Theory of Multiple Intelligences. تتعارض هذه النظرية مع فكرة وجود نوع واحد مسيطر من الذكاء، وبدلاً من ذلك تعترف بوجود عدة أنواع من الذكاءات التي تشكل مزيجًا فريدًا لدى كل فرد. رغم التردد الذي واجهته النظرية في بداياتها، أصبحت الآن مقبولة على نطاق واسع في مجال التعلم، حيث تقدم رؤية فريدة حول كيفية تعلم الأفراد. 

يوضح جاردنر أن نظرية الذكاءات المتعددة تمنح المتعلمين الحرية بدلاً من تقييدهم على نمط تعليمي واحد، مما يسمح بطرق متعددة للتعليم بدلاً من طريقة واحدة فقط. وفقًا للنظرية، توجد سبع أنواع رئيسية من الذكاءات: اللغوية، والمنطقية-الرياضية، والمكانية، والموسيقية، والجسدية-الحركية، والاجتماعية (التفاعلية)، والشخصية (الداخلية). وقد أضاف جاردنر مؤخرًا ثلاث ذكاءات إضافية وهي الذكاء الطبيعي، والذكاء الوجودي، والذكاء التربوي، لكن في هذا المقال سأركز على نموذج الذكاءات السبع الأصلية، وسأوضح تأثيرها على التعلم الإلكتروني.

يتعرض هذا المقال لكيفية تطبيق واستخدام الذكاءات المتعددة في تطوير مقررات التعلم الإلكتروني.


تطبيق نظرية الذكاءات المتعددة في التعلم الإلكتروني


تطبيق نظرية الذكاءات المتعددة في التعلم الإلكتروني

في وقت مبكر من عام 1983، صرح جاردنر بأن "الفائدة المحتملة للحواسيب في عملية مطابقة الأفراد مع أساليب التعليم كبيرة". وقد أثبتت هذه المقولة من خلال النمو الملحوظ للتعلم الإلكتروني، حيث إن إنشاء أنشطة التعلم الرقمي الإلكتروني تلبي احتياجات متنوعة يضمن أن يفهم المتعلمون المحتوى بطرق تتناسب مع اهتماماتهم. في مقابلة حديثة مع صحيفة واشنطن بوست، أشار جاردنر إلى أن أفضل طريقة للاستفادة من نظرية الذكاءات المتعددة هي التخلي أولاً عن مصطلح "أنماط التعلم"، الذي يسبب اللبس، ثم تخصيص التعلم بطريقة تركز على المتعلم، وأخيرًا تنويع التعلم عبر دمج عدة أساليب فيه، وليس مجرد أسلوب واحد. بهذه الطريقة، يمكن الوصول إلى المتعلمين الذين يتعلمون بطرق مختلفة. الآن بعد أن حصلت على فكرة عن تأثير نظرية الذكاءات المتعددة على التعلم الإلكتروني، لنلق نظرة تحليلية على كيفية إنشاء دورات تعلم إلكتروني تدعم جميع أنواع الذكاءات وتضمن تفاعل جميع المتعلمين من خلال مراعاة تنوع ذكاءاتهم.


الذكاء اللغوي/اللفظي

هو القدرة على تحليل وتعبير المعلومات من خلال اللغة، سواء كانت شفهية أو مكتوبة. وظائف مرتبطة بهذا الذكاء: شعراء، كتّاب، حكواتيون، محامون، خطباء، مترجمون.


تأثير الذكاء اللغوي /اللفظي على التعلم الإلكتروني:

يجد المتعلمون ذوو الذكاء اللغوي في اللغة وسيلة طبيعية لفهم وامتصاص المعلومات وتحقيق أهدافهم التعليمية. لذلك، فإن أنشطة التعلم الإلكتروني التي تشمل السرد القصصي أو المناقشات (مثل المناقشات عبر الإنترنت) تكون مثالية لهؤلاء المتعلمين. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون الروابط إلى موارد إضافية مثل المدونات والمقالات مفيدة بشكل خاص لهم.


الذكاء المنطقي/الرياضي

هو القدرة على التعرف على الأنماط والبنى، وتحليل وحل المشكلات المجردة بطريقة منطقية وعلمية. وظائف مرتبطة بهذا الذكاء: علماء، رياضيون، محاسبون، باحثون.


تأثيره الذكاء المنطقي/الرياضي على التعلم الإلكتروني:

يستمتع المتعلمون ذوو الذكاء المنطقي بقدر واف من مهارات حل المشكلات، ولذلك فإن أنشطة التعلم الإلكتروني التي تشمل مهام التفكير المنطقي، أو الرسوم البيانية مثل مخططات فن، أو الجداول، أو السيناريوهات التي تتطلب اتباع خطوات التفكير الناقد، تساعدهم بشكل كبير على تحليل المعلومات وتذكرها بسهولة.


الذكاء المكاني/البصري

هو القدرة على إدراك وتحليل الأشياء في الفضاء، وكذلك التعرف على الإشارات البصرية واستخدامها، مثل الصور. وظائف مرتبطة بهذا الذكاء: فنانون، معماريون، نحاتون، مهندسون، طيارون، بحارة.


تأثيره الذكاء المكاني/البصري على التعلم الإلكتروني:

يستجيب المتعلمون ذوو الذكاء البصري بشكل جيد للألوان، والصور، والرسوم التوضيحية، والألعاب، ووسائل الوسائط المتعددة ذات الجاذبية البصرية. من خلال دمج هذه العناصر في مقررات التعلم الإلكتروني، يمكنك تلقائيًا جذب المتعلمين البصريين.

تعلم كيفية تصميم مقررات تعليمية إلكترونية احترافية باستخدام حزمة Ispring Suite.


الذكاء الموسيقي

هو القدرة على التعرف على الأنماط والإيقاعات في الصوت والموسيقى وتكوينها وأدائها. وظائف مرتبطة بهذا الذكاء: موسيقيون، ملحنون، قادة فرق موسيقية، مغنون أوبرا، أساتذة موسيقى.


تأثيره الذكاء الموسيقي على التعلم الإلكتروني

يفكر المتعلمون ذوو الذكاء الموسيقي ويستوعبون المعلومات بشكل أفضل عندما يتم تضمين الموسيقى والصوت في المادة التعليمية. فلماذا لا تفكر في إنشاء تجربة غامرة للمتعلمين الموسيقيين باستخدام الموسيقى التي تعزز المادة التعليمية؟


الذكاء الجسدي/الحركي

هو القدرة على استخدام الجسد كوسيلة لحل المشكلات؛ حيث تنسق القدرات العقلية مع الحركات الجسدية. وظائف مرتبطة بهذا الذكاء: رياضيون، أطباء (خصوصًا الجراحون)، راقصون، أخصائيو علاج طبيعي.


تأثير الذكاء الجسدي/الحركي على التعلم الإلكتروني:

يتعلم المتعلمون ذوو الذكاء الحركي من خلال القيام بالأفعال؛ لذا فهم يتفاعلون بشكل أفضل عند إعطائهم فرصة لاستكشاف البيئات الافتراضية والمشاركة في الأنشطة التي تتطلب مشاركة جسدية، مثل التفاعلات التي تتضمن السحب والإفلات، والألعاب التعليمية، وعناصر المحاكاة.


الذكاء الاجتماعي

هو القدرة على التعرف على وفهم مشاعر ورغبات الآخرين، وبالتالي القدرة على العمل بفاعلية معهم. وظائف مرتبطة بهذا الذكاء: معلمون، سياسيون، مستشارون، قادة دينيون، علماء نفس، بائعون، مدربون.


تأثير الذكاء الاجتماعي على التعلم الإلكتروني

يعد التعلم الاجتماعي من أكثر الطرق فاعلية لجذب المتعلمين الاجتماعيين الذين يستمتعون بالتعلم من خلال التعلم التعاوني والتفاعل مع الآخرين. شجعهم على تبادل الأفكار ومشاركة مخاوفهم في المناقشات عبر الإنترنت وفي وسائل التواصل الاجتماعي، واطلب منهم اتخاذ قرارات من خلال وضع أنفسهم في مواقف الآخرين في الأنشطة القائمة على السيناريوهات.


الذكاء الشخصي/الذاتي

هو القدرة على التعرف على وفهم المشاعر والدوافع الشخصية. وظائف مرتبطة بهذا الذكاء: أساتذة جامعيون، فلاسفة، وظائف مرموقة عمومًا.


تأثير الذكاء الشخصي/الذاتي على التعلم الإلكتروني:

يركز المتعلمون ذوو الذكاء الشخصي على الجوانب الداخلية للتعلم؛ ولذلك غالبًا ما يتحفزون عندما يُطلب منهم التفكير في كيفية تطبيق ما يتعلمونه على حياتهم. تعتبر السيناريوهات التي تقدم فوائد في العالم الواقعي مثالية لهم، حيث يتفاعلون بشكل أفضل عندما ينظرون بعمق إلى أنفسهم. كما قد يكون من المفيد تزويدهم بمواد للدراسة الخاصة، لمساعدتهم على فهم ما يسعون لتحقيقه أو الأخطاء التي يجب تجنبها في حياتهم الشخصية أو المهنية.

 

الخاتمة

يُظهر تطبيق نظرية الذكاءات المتعددة في التعلم الإلكتروني كيف يمكن توجيه التعلم ليشمل مجموعة متنوعة من الأساليب التي تعزز من مشاركة وتفاعل المتعلمين. من خلال استهداف الذكاءات المختلفة، يتمكن المعلمون والمطورون من تصميم محتوى أكثر جاذبية وملاءمة لقدرات واهتمامات كل متعلم. إن تخصيص تجربة التعلم وفقًا لذكاءات المتعلمين لا يساهم فقط في تحسين نتائجهم التعليمية، بل يعزز أيضًا من استقلاليتهم وتحفيزهم الذاتي. وبهذا، نفتح بابًا أمام مستقبلٍ تعليمي يُقدّر الاختلافات الفردية ويتيح فرصًا تعليمية متكاملة تناسب الجميع.


تعليقات