آن للأمة العربية أن تستفيق وتتعلم من تجارب الماضي وترسم مسارها الصحيح بين الأمم، فاليوم هي أمة لديها كوادر مؤهلة على أعلى المستويات ومنفتحة على العالم أكثر من أي فترة مضت، وانطلاقًا من أهمية جامعة الدول العربية ودورها المفصلي في النهوض بالواقع العربي وتطلعات الأمة، وتحقيق التضامن العربي اخترنا أن نخصص حديثنا اليوم عنها ونتطرق بالتفصيل لنشأتها وأهدافها ودورها في تعزيز التعاون العربي.
ما هي جامعة الدول العربية؟
هي منظمة إقليمية تأسست لتحقيق الوحدة العربية وتعميق التعاون والتنسيق بين الدول التي تتحدث اللغة العربية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، بالإضافة للدفاع عن القضايا العربية على مختلف الأصعدة الدولية.
وتجدر الإشارة هنا أنه وعلى الرغم من أن الصومال وجيبوتي لغتهم الرسمية ليست العربية، ولكن تمت الموافقة على انضمامهما للجامعة على اعتبار أن أصل البلدين عربي.
وتنقسم عضوية الجامعة إلى قسمين، الأولى عضوية أصلية وهي تخص الدول السبعة التي وقعت الميثاق، والعضوية بالانضمام عن طريق تقديم طلب وتحقيق الشروط.
نشأتها والتأسيس
كانت البداية بتأسيس الجامعة رسميًا بتاريخ 22\ 3\ 1945 ومقرها القاهرة في جمهورية مصر العربية، بداية تم انضمام سبع دول عربية مستقلة وهي: مصر وسوريا والعراق والسعودية ولبنان والأردن واليمن، وتم تعيين عبد الرحمن عزام بمنصب أول أمين عام في تاريخ الجامعة واستمر في أداء مهامه حتى عام 1952.
وفي ميثاق الجامعة العربية تنص المادة العاشرة والحادية عشرة على أن القاهرة هي المقر الدائم لجامعة الدول العربية، ويجتمع المجلس في أي مكان آخر يعينه، ويتم انعقاد مجلس الجامعة انعقاداً عادياً مرتين في العام، في كل من شهري مارس وسبتمبر، وفي حال دعت الحاجة يتم انعقاده بصفة غير عادية إلى ذلك بناء على طلب دولتين من دول الجامعة.
جامعة الدول العربية الأشخاص المؤسِّسون
في تاريخ 5 سبتمبر 1942 قامت مصر بدعوة مندوبين عن كل من السعودية ولبنان والعراق والأردن وسوريا واليمن للتشاور بشأن الوحدة العربية، ثم تمت إضافة ممثل عن فلسطين وتم تشكيل لجنة لعمل ما يسمى مشاورات الوحدة العربية والتي عقدت اجتماعاتها في الإسكندرية.
كانت البداية من جانب رئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس الذي قام بدعوة رئيس الوزراء السوري (جميل مردم بك) ورئيس الكتلة الوطنية اللبنانية (بشارة الخوري) للاجتماع في القاهرة بهدف تأسيس جامعة عربية، وقد قامت الحكومة المصرية بعقد مؤتمر لمناقشة الأمر وقد أبدى حاكم الأردن موافقته على الفكرة.
وفي تاريخ السابع من أكتوبر عام 1944 جاء توقيع بروتوكول الإسكندرية من قبل رؤساء كل من مصر وسوريا ولبنان والأردن والعراق، ثم بعد ذلك تم توقيع كل من السعودية واليمن على البروتوكول.
شروط الانضمام إلى جامعة الدول العربية
- أن تكون الدولة عربية ولغتها عربية وتحمل تراثًا عربيًا.
- أن تكون الدولة مستقلة بذاتها وسيادة نفسها بدون أي تبعية.
- تقدم الدولة التي ترغب بالانضمام طلبًا رسميًا إلى مجلس الجامعة.
- بعد أن تتم الموافقة على الطلب بالإجماع من الدول الأعضاء يكون قد تم الانضمام.
أهداف الجامعة العربية
تهدف الجامعة العربية بشكل عام إلى تقوية الأواصر والعلاقات بين الدول الأعضاء والتنسيق فيما بينها للحفاظ على أمن المنطقة العربية، وإليكم أهم الأهداف:
- تسهيل التبادل التجاري وتحقيق الوحدة الاقتصادية والمالية .
- تحقيق الأمن والسلام العربي وفض النزاعات والخلافات وحل المشكلات بالتحكيم لا القوة، والعمل على تحقيق السلام والاستقرار.
- تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية وغيرها.
- تهدف الجامعة إلى التأكيد على سيادة واستقلال الدول الأعضاء، ودعم جهودها نحو التحرر.
- الدفاع المشترك في حال تعرض أي دولة لاعتداء خارجي.
- تنظيم المواقف العربية في الاجتماعات الدولية، وتبادل التمثيل الدبلوماسي لدى الدول الأخرى.
- تحقيق الدعم التقني والعلمي على المستوى العربي وتطوير العلاقات التعليمية.
الهيكل التنظيمي للجامعة
- مجلس الجامعة: يعتبر السلطة العليا وهو مكون من ممثلي الدول الأعضاء، وهو متخصص بعدة مهام كتنفيذ الاتفاقات بين الدول الأعضاء وفض النزاعات، وتحقيق التعاون بين الدول العربية والمنظمات الدولية لتحقيق السلم والأمن، أضف لما سبق فإن مجلس الجامعة يقوم بتعيين الأمين العام، ووضع النظام الداخلي.
- اللجان الفنية الدائمة: تقوم هذه اللجان بوضع وصياغة قواعد التعاون ويتم عرضه بعد ذلك على المجلس لمراجعتها.
- الأمانة العامة: تقوم بتسيير مختلف الأمور الإدارية والمالية والسياسية للجامعة.
المشكلات والتحديات التي واجهت الجامعة
واجهت جامعة الدول العربية منذ تأسيسها العديد من المشكلات والأزمات التي أثرت على فاعليتها في تحقيق أهدافها، وتعرضت للعديد من الانتقادات وفيما يلي أبرز هذه المشكلات:
- الخلافات السياسية بين الدول الأعضاء حيث تعاني الدول العربية من اختلافات واضحة في الرؤى والمصالح، كالخلاف أثناء أزمة الخليج في العام 2017، والثورات العربية في العام 2011.
- تأثيرها محدود ولا تمتلك سلطة واضحة لفرض قراراتها والإلزام بتنفيذها.
- تتأثر قراراتها بارتباطات دولية وقوى إقليمية، مما يقلص حجم دورها في القرار العربي.
- تعاني من الجمود الإداري وضعف التحديث والإصلاح الداخلي حيث أن الميثاق الأساسي موجود منذ العام 1945 بدون تطوير.
- تواجه مشكلات اقتصادية فالتعاون الاقتصادي العربي لا يرقى لمستوى التكتلات الأخرى مثل الاتحاد الأوروبي وغيره.
- تم اعتراض العراق على طلب الكويت الانضمام للجامعة في العام 1961 حيث اعتبرها جزء من أراضيه.
- نشأ خلاف حول عضوية فلسطين بعد احتلال أراضيها وفي العام 1973 اعترف العرب بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل عن الشعب الفلسطيني.
- التخبط بين مؤيد ومعارض بعد هجوم الولايات المتحدة على العراق في عهد صدام حسين.
- تأثير الجامعة الإقليمي ضعيف، ولم تتمكن من فرض سلطتها في المحافل الدولية في القضايا الهامة مثل القضية الفلسطينية.
دور الجامعة في تعزيز التعاون العربي
مما لا شك فيه أن الجامعة تلعب دورًا هامًا في تعزيز التعاون بين الدول العربية على مختلف المستويات ويمكن تلخيص دورها في النقاط التالية:
1. التنسيق السياسي والدبلوماسي:
حيث تعمل الجامعة على تنسيق المواقف السياسية بين الدول الأعضاء في القضايا الإقليمية والدولية، وتسعى إلى حل النزاعات العربية بطرق سلمية.
2. التعاون الاقتصادي:
تعمل الجامعة على تحقيق التكامل الاقتصادي وتدعم اتفاقيات اقتصادية مشتركة مثل اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري ومنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.
3. التنمية الاجتماعية والثقافية
تدعم التعاون في مجالات التعليم، الثقافة، والصحة، وتسعى للحفاظ على الهوية الثقافية العربية وتطوير اللغة العربية.
4. تعزيز الأمن القومي العربي
وذلك من خلال مواجهة التهديدات التي تتعرض لها الدول العربية وتسعى إلى مكافحة الإرهاب والتطرف وتعزيز الأمن المائي والغذائي.
5. تقديم الدعم اللازم في الأزمات الإنسانية والكوارث الطبيعية.
هل يحق لأي دولة الانسحاب من الجامعة
نعم يحق لأي دولة الإنسحاب بدون توضيح أو شرح للأسباب، ولكن يشترط إبلاغ المجلس قبل سنة من تنفيذ الانسحاب.
جامعة الدول العربية الموقع الرسمي
يمكنكم الدخول للموقع الرسمي للجامعة من خلال الرابط التالي.
https://arabmpi.org/ar/contact-us
نقل جامعة الدول العربية
منذ بداية تأسيس الجامعة كان مقرها في القاهرة، بالقرب من ميدان التحرير، وتم نقلها من القاهرة إلى تونس بشكل مؤقت في العام 1979، وذلك بعد أن استولت إسرائيل على شبه جزيرة سيناء إثر حرب 1973، وقررت الجامعة نقل مقرها إلى العاصمة التونسية احتجاجًا على اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وفي العام 1990 عاد المقر إلى القاهرة بعد تحسن الأوضاع السياسية.
كم عدد الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية
تضم الجامعة 22 دولة عربية وإليكم الدول الأعضاء مع تاريخ الانضمام:
- جمهورية مصر العربية - 1945م.
- المملكة الأردنية الهاشمية - 1945م.
- المملكة العربية السعودية - 1945م.
- الجمهورية العربية السورية - 1945م.
- جمهورية العراق - 1945م.
- الجمهورية اليمنية - 1945م.
- الجمهورية اللبنانية - 1945م.
- دولة ليبيا - 1953م.
- جمهورية السودان - 1956م.
- الجمهورية التونسية - 1958م.
- المملكة المغربية - 1958م.
- دولة الكويت - 1961م.
- الجمهورية الجزائرية - 1962م.
- دولة قطر - 1971م.
- مملكة البحرين - 1971م.
- دولة الإمارات العربية المتحدة - 1971م.
- سلطنة عمان - 1971م.
- الجمهورية الإسلامية الموريتانية - 1973م.
- جمهورية الصومال - 1974م.
- دولة فلسطين - 1976م.
- جمهورية جيبوتي - 1977م.
- جمهورية القمر المتحدة - 1993م.
المنظمات التابعة للجامعة
توجد العديد من المنظمات التابعة لجامعة الدول العربية، ومن هذه المنظمات:
- اتحاد الجامعات العربية: متخصصة بقطاع التعليم العالي والبحث العلمي.
- الشركة العربية للتعدين (ارميكو).
- الشركة العربية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية (أكديما)، متخصصة في الدواء والمستلزمات الطبية.
- الاتحاد العربي لمنتجي الأدوية والمستلزمات الطبية (أوبــام).
- الاتحاد العربي للنقل البري، يشمل نقل البضائع والأشخاص من خلال الطرق البرية.
- المنظمة العربية للتنمية الزراعية.
- اتحاد البريد العربي.
- الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية.
- المكتب العربي لشؤون المخدرات.
- الاتحاد العربي للمواصلات السلكية واللاسلكية: متخصص في مجال الاتصالات.
- اتحاد الإذاعات العربية: يهتم بالإذاعة والتلفزيون في العالم العربي.
- المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو): متخصصة في مجال التربية والثقافة.
- منظمة العمل العربية.
- المنظمة العربية للصحة.
- الاتحاد العربي للنقل الجوي.
- اتحاد المهندسين العرب.
- مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
- اتحاد المغرب العربي.
- المركز العربي للزلازل والكوارث الطبيعية.
ما هي إنجازات جامعه الدول العربيه
على الرغم من التحديات التي واجهت الجامعة منذ بداية تأسيسها لليوم ولكن لا يمكن إنكار الإنجازات على مختلف المستويات إليكم أبرز إنجازاتها:
أولاً: الإنجازات على المستوى السياسي
- دعم القضية الفلسطينية من خلال الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية.
- حل الخلافات والنزاعات على المستوى العربي.
- رفض الاحتلال والتدخلات الأجنبية بالداخل العربي، حيث رفضت غزو العراق في العام 2003.
ثانيًا: الإنجازات على المستوى الاقتصادي
- إنشاء منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى (GAFTA) حيث تهدف لإلغاء الرسوم الجمركية بين الدول الأعضاء.
- تعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي من خلال إنشاء المشاريع وإعداد سياسات زراعية، صناعية، وغيرها.
ثالثًا: الإنجازات على المستوى الاجتماعي والثقافي
- الحفاظ على اللغة والهوية العربية من خلال تعريب المصطلحات العلمية، ودعم النشاطات الثقافية.
- دعم اللاجئين (خصوصًا الفلسطينيين والسوريين) من خلال التنسيق مع الأونروا وغيرها.
- إطلاق مبادرات لمكافحة الفقر والبطالة والأمية في بعض الدول العربية.
رابعًا: إنشاء المنظمات والوكالات التابعة للجامعة
مثل: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)- المنظمة العربية للتنمية الزراعية- المنظمة العربية للطيران المدني وغيرها الكثير.
كيف يرى الشارع العربي الجامعة وهل تحتاج إلى إصلاح جذري
ينقسم الشارع العربي في رؤيته حول جدوى الجامعة العربية وقيامها بدورها بصورة فاعلة، ولكن في الغالب يتجه الرأي العربي أنها لاتزال بعيدة عن تحقيق الرؤى والتوقعات وتحتاج للتعديل والتطوير في مختلف النواحي، فقد فشلت في حل بعض النزاعات الكبرى، ولم تتمكن من توحيد قراراتها ببعض القضايا الهامة، وكانت ولازالت تعاني من التدخلات الخارجية في قراراتها وهذا له أثر كبير في ضعف ثقة الشارع العربي بقراراتها.
ولابد لنا من الإشارة هنا أن الجامعة العربية منظمة عريقة وهامة ولكنها تواجه تحديات كبيرة وتتطلب إرادة سياسية صارمة وتعديلات جوهرية كتعديل ميثاق الجامعة ليواكب التطورات الإقليمية الحديثة، ولتتمكن من القيام بدورها في الدفاع عن المصالح العربية وتمثيل إرادة الشعوب العربية.
جامعة الدول العربية PDF
نقدم لكم ملف فيه كل التفاصيل الهامة عن الجامعة ويمكنكم تحميله بسهولة من هنا.
تعرف ايضا على:
الخاتمة:
وفي ختام مقالنا عن جامعة الدول العربية لابد من التأكيد أنه قد حان الوقت لتحقق الدول العربية دورها الهام في المنطقة وأن تقوم الجامعة بدورها الفاعل وأن تخرج عن كونها مجرد مؤسسة رمزية، وأن تواجه كل التحديات وتسعى بكل طاقتها لمنع العدو من التفرد بكل دولة عربية على حدة، حيث أصبحت الحاجة ملحة لاتحاد عربي حقيقي وفعال.
