مقالات متنوعة

برنامج الكورت: ما هو وكيف يساعد في تنمية مهارات التفكير لدى الطلاب؟

يهدف برنامج الكورت إلى تعزيز مهارات التفكير المتنوعة لدى الطلاب والتي تعد من  العوامل الأساسية التي تمكنهم من التكيف مع تحديات الحياة المعقدة. 

ومن بين الأهداف الرئيسية للبرنامج هو تعليم الطلاب كيفية التفكير النقدي والتحليلي، بالإضافة إلى تطوير قدرتهم على مواجهة تحديات حياتهم اليومية، وقد تم تطوير العديد من البرامج التربوية التي تهدف إلى تعزيز مهارات التفكير لدى الأفراد لكن يظل الكورت من أبرزهم  وأكثرهم شهرة على مستوى العالم، وذلك بفضل مزاياه العديدة من سهولة التطبيق والقدرة على استهداف مجموعة واسعة من الفئات العمرية.


برنامج الكورت CORT


برنامج الكورت CORT

يعتبر برنامج كورت واحد من أبرز البرامج العالمية في مجال تنمية مهارات التفكير ويهدف إلى تزويد الطلاب بأساليب تفكير متنوعة تساعدهم على التحرر الواعي من الأساليب التقليدية للتفكير، مما يمكنهم من رؤية الأمور من زوايا أوسع وأكثر وضوحًا، وبالتالي تعزيز قدرتهم على الإبداع في إيجاد الحلول للمشكلات.

يرمز اسم CORT إلى اختصار لعبارة (Cognitive Research Trust)، أي "مؤسسة البحث المعرفي"، التي أسسها دي بونو في جامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة.

ويتضمن برنامج تطوير التفكير ستة محاور رئيسية، ويشتمل كل محور على مجموعة من الأدوات أو الخطوات التطبيقية التي تساعد في تدريب الطلاب على استخدام التفكير بشكل فعال.


مؤلف برنامج الكورت 

يعد الباحث والمؤلف إدوارد دي بونو من أبرز الأسماء في مجال تعليم التفكير، حيث قام بتأليف برنامج "كورت لتعليم التفكير"، ويملك خبرة واسعة في التدريب على مهارات التفكير الإبداعي والتعليم المباشر.

وقد ألف دي بونو 32 كتاب تم ترجمة أغلبها إلى 24 لغة، مما يعكس التأثير العالمي لأفكاره في مجالات التعليم والتفكير.


مؤلف برنامج الكورت CORT


أهداف برنامج الكورت

بعدما تعرفنا على مؤلف برنامج كورت للتفكير، ومدى الشهرة التي حصل عليها بشكل عالمي نتيجة للتأثير العلمي للبرنامج على تفكير الأفراد، فإنه من الضروري التعرف على أهداف البرنامج والتي تكمن فيما يلي:

  1. تدريب الطلاب على التفكير المنظم والمنفتح.
  2. مساعدتهم في تجاوز أنماط التفكير التقليدي.
  3. تعزيز مهارات التحليل والمقارنة والاختيار الواعي.
  4. تنمية القدرة على حل المشكلات بطريقة مبتكرة.
  5. التوازن بين التفكير العقلي والعاطفي.
  6. تنمية جوانب شخصية متعددة لدى الطلاب، مثل تعزيز الثقة بالنفس، احترام الذات، مهارات التواصل الاجتماعي، التعبير عن الذات، إبداء الرأي، والمساهمة في بناء شخصية متزنة.


أهداف برنامج الكورت


فلسفة برنامج كورت

يقدم الكورت مهارات التفكير في شكل أدوات محددة مثل: PMI، CAF، وC&S، ليسهل على الطالب استخدامها بوعي. 

والهدف هو تزويد الطالب بوسائل عملية تساعده على التفكير المنظم بدلاً من توجيهات عامة يصعب تطبيقها. 

ومع التدريب، تصبح هذه الأدوات جزءًا من سلوكه الطبيعي دون الحاجة لتسميتها، وهذه هي الغاية الأساسية من البرنامج.


برنامج كورت لتنمية التفكير عبر المراحل العمرية

تم تطوير محتوى برنامج الكورت لتنمية مهارات التفكير بطريقة مرنة تراعي الفروق الفردية بين الأفراد، وتم تصميم هذه الأنشطة التعليمية لتكون ذات طابع تطبيقي عملي، ما يتيح توظيفها في سياقات تعليمية متنوعة وفي مواقف حياتية واقعية.

وتركز دروس برنامج تنمية مهارات التفكير على المهارات المعرفية الأساسية، ما يجعل البرنامج مناسب لشرائح عمرية مختلفة تبدأ من سن السادسة.

كما يلائم نطاق واسع من القدرات الذهنية، تتراوح بين مستوى ذكاء 75 إلى 140، ويعود ذلك إلى تركيز البرنامج على كل عمليات التفكير الأساسية القابلة للتطور في مختلف مراحل النمو المعرفي.


فوائد برنامج كورت لتطوير التفكير 

لا يقتصر تطبيق برنامج cort على فئة عمرية معينة، بل يشمل العديد من الأشخاص ويساعدهم على تحقيق مزايا وفوائد كبيرة في حصيلة تفكيرهم في شتى جوانب الحياة، ويمكن ذكرها فيما يلي:

  • تعزيز قدرات التفكير لدى الطلاب، مع ترسيخ قناعة لديهم بأن التفكير مهارة قابلة للتعلم والتطوير، وتحفيزهم على خوض تجارب معرفية وعملية تعزز هذا الجانب.
  • تمكين الطلاب من ربط مهارات التفكير بواقعهم العملي وتشجيعهم على تطبيقها في مواقفهم الحياتية اليومية.
  • تحفيز الطلاب على إشراك أسرهم في استخدام أدوات التفكير، مما يسهم في نقل أثر التعلم إلى البيئة المنزلية.
  • رفع مستوى التحصيل الأكاديمي للطلاب بشكل ملحوظ.
  • إضفاء طابع من المتعة على دروس التفكير، مما يزيد من دافعية الطلاب للتعلم.
  • تعزيز التفاعل الإيجابي بين الطلاب والمدرسة، بما في ذلك المعلمين والإدارة والزملاء.
  • فهم أعمق للطلاب من خلال اكتشاف احتياجاتهم ومشكلاتهم النفسية والسلوكية والعمل على معالجتها.
  • تطوير كفاءة المعلمين ورفع مستوى أدائهم التربوي والتعليمي.
  • تأهيل المعلمين والمعلمات غير المتخصصين في مجال التفكير، لتمكينهم من تدريس وحدات برنامج كورت بفعالية.
  • إحداث تحول جذري في نمط التعليم التقليدي، عبر تبني أسلوب تعليمي يتمركز حول الطالب ويشجع على المبادرة والاكتشاف.
  • تدريب الطلاب على استخدام مهارات التفكير بطريقة غير مألوفة مقارنة بالمقررات الدراسية الأخرى.
  • الابتعاد عن الأساليب التلقينية المعتمدة على الحفظ، والتركيز على التفكير النقدي والتحليل والتدريب العملي.
  • تحويل دور المعلم إلى مرشد وموجه، في حين يصبح الطالب المحور الأساسي في الموقف التعليمي.
  • البرنامج يخلو من الاختبارات التقليدية والدرجات، حيث يركز على التعلم التطبيقي بدلاً من التقييم الأكاديمي، وهو أحد مبادئ برنامج الكورت الأساسية.
  • تعتمد ورش العمل على التفاعل الجماعي والعمل التعاوني، مما يعزز روح الفريق والانتماء بين المشاركين.
  • لا يشترط البرنامج التميز الأكاديمي، فقد يظهر بعض الطلاب الذين يعانون من صعوبات دراسية قدرة عالية في التفكير الإبداعي.
  • يسهم البرنامج في دعم التحصيل العلمي من خلال تنمية مهارات التفكير المنظم والواعي.
  • يربط الطلاب بواقعهم العملي والاجتماعي، مما يساعدهم على استيعاب أهمية مهارات التفكير في التعامل مع مواقف الحياة المختلفة.


مكونات برنامج مهارات الكورت لتنمية التفكير 

يهدف هذا البرنامج إلى تطوير مهارات التفكير لدى الطلاب من خلال 60 درساً موزع على ست وحدات، تحتوي كل وحدة من مستويات برنامج الكورت على 10 دروس، بالإضافة إلى دليل للمعلم وبطاقات عمل للطلبة.

1. الوحدة الأولى: توسيع الإدراك

هذه الوحدة تعد الأساس الذي يبنى عليه باقي أجزاء برنامج الكورت، وينصح بتدريسها أولاً، حيث تم تصميمها لمساعدة الطلاب على تطوير طريقة تفكير منظمة، بدلاً من التفاعل العاطفي والانفعالي مع المواقف والمعلومات وتنقسم 


مهارات الكورت المستوى الأول إلى:

1.1 معالجة الفكرة (PMI)

يتعلم الطلاب فحص أي فكرة بتحليل جوانبها الثلاثة وهي الإيجابيات، السلبيات، الأمور المثيرة للاهتمام بدلاً من إصدار حكم سريع بالقبول أو الرفض.


2.1 النظر في جميع العوامل

يتم تدريب الطلاب على التعمق في فهم الموقف بجمع وتحليل كل العوامل الممكنة، وليس فقط الاكتفاء بما هو ظاهر أو مباشر.


3.1 تحليل القوانين والمبادئ

يعتمد هذا الدرس على الأدوات السابقة لتقييم القوانين القائمة، والنظر في إمكانية تعديلها أو ابتكار قوانين جديدة تناسب السياق.


4.1 النتائج المترتبة

يركز على تنمية القدرة على التنبؤ بعواقب الأفعال والقرارات، سواء كانت فورية أو طويلة المدى، وذلك لفهم الأثر الكامل لأي قرار.


5.1 تحديد الأهداف

يعزز من وعي الطلاب بأهدافهم الشخصية، ويمكنهم من التمييز بين ما هو هدف حقيقي وبين رد الفعل اللحظي.


6.1 مهارة التخطيط

يشجع الطلاب على استخدام الأدوات السابقة في وضع خطة منظمة لإنجاز أهدافهم، مع التركيز على أهمية وجود رؤية واضحة لما يجب فعله.


7.1 تحديد الأولويات

بعد توليد عدد كبير من الأفكار، يتعلم الطلاب كيفية ترتيبها وفق الأهمية، وتحديد ما يجب معالجته أولاً.


8.1 توليد البدائل

يتعلم الطلاب تطوير مهارات استنباط بدائل متعددة للمواقف، وتقديم تفسيرات مختلفة دون التسرع بردود فعل خاطئة.


9.1 اتخاذ القرار

يجمع هذا الدرس كل المهارات السابقة في عملية منظمة لاتخاذ قرارات مدروسة، تشمل

تحديد العوامل المؤثرة، فهم الأهداف، ترتيب الأولويات، تقييم النتائج، اختيار البدائل الأفضل.


10.1 فهم وجهات نظر الآخرين

ينمي هذا الدرس القدرة على الإصغاء وتحليل الأفكار والآراء التي يطرحها الآخرون بعقلية ناقدة ومنفتحة.


2. الوحدة الثانية: التنظيم

تركز هذه الوحدة من أسلوب دي بونو في التفكير على تدريب الطلبة على طرح أسئلة دقيقة والبحث عن إجابات واضحة، بهدف بناء التفكير المنظم وتطوير الحلول وهي تتضمن عشرة دروس، تقسم إلى مرحلتين الخمسة الأولى منها تساعد في فهم المشكلة وتحليلها، والخمسة الأخيرة تركز على تطوير استراتيجيات الحل وهي كالتالي: 

 تعرف (Recognize): يتعلم الطالب تمييز أنماط المشكلات لفهمها.

 حلل (Analyze): تفكيك المشكلات المعقدة إلى عناصر بسيطة.

 قارن (Compare): تساعد على إجراء مقارنات تولد أفكار جديدة.

 اختر (Select): تحديد المتطلبات واختيار الأنسب منها.

طرق أخرى (Find other ways): البحث عن بدائل ووجهات نظر جديدة.

 ابدأ (Start): اختيار بداية قوية تقود إلى حل ناجح.

نظم (Organize): ترتيب الأفكار لتفادي العشوائية.

ركز (Focus): تحديد الأولويات والتركيز على الأهم.

ادمج (Consolidate): دمج الأفكار للخروج بحلول مبتكرة.

 استنتج (Conclude): استخلاص نتائج واضحة من التحليل.


3. الوحدة الثالثة: التفاعل

تهدف هذه الوحدة من CORT Program إلى تطوير مهارات التفاعل الفكري لدى الطلاب، من خلال تعزيز قدرتهم على التواصل وتحليل وجهات النظر المختلفة، بهدف الوصول إلى حلول منتجة عبر النقاش والتفاوض، بعيدًا عن الجدل لأجل الانتصار فقط.

حيث يتعلم الطلاب أولًا التحقق من وجهات النظر المتقابلة بدقة ثم ينتقلون إلى فهم الأدلة، وذلك عبر التمييز بين الحقيقة والرأي، وتقييم قوة الأدلة وبنيتها، سواء كانت مستقلة أو معتمدة على غيرها.

وبعد ذلك، يتعلم الطلاب في كتاب الكورت مهارات تحليل أوجه الاتفاق والاختلاف أو انعدام العلاقة بين الآراء، كما يتدربون على كيفية إثبات صحة وجهة نظرهم باستخدام الشرح، الحقائق، ثم من خلال التسمية وإصدار الأحكام المبنية على التقييم.

وفي المقابل، يتعلمون أيضاً تحديد الأخطاء في التفكير، سواء كانت نتيجة المبالغة، التعميم، التجاهل، الفهم الخاطئ، أو الأحكام المتحيزة. وأخيراً، تختم الوحدة بتقييم المحصلة النهائية للنقاشات، لتحديد ما كان مفيد منها وما لم يكن كذلك، مما يعزز التعلم من التجربة.


4. الوحدة الرابعة: الإبداع 

تهتم هذه الوحدة من برنامج التفكير الإبداعي إلى مساعدة الطلاب على الخروج الواعي من نمط التفكير التقليدي، واستكشاف زوايا جديدة للمشكلات من خلال ما يعرف بالإبداع ، وهو تغيير متعمد في طريقة النظر إلى الأمور بهدف توليد أفكار جديدة وغير مألوفة.

وتعتمد هذه الوحدة من برنامج ديبونو للتفكير على مجموعة من الأدوات التي تعزز هذا النوع من الإبداع، مثل استخدام أسلوب "نعم، لا، إبداعي" الذي يشجع على قبول الفكرة كمنطلق للتفكير دون الحكم الفوري على صحتها. 

كما يستخدم الطلاب أداة الحجر المتدحرج لتوليد أفكار غير تقليدية قد تبدو غريبة، لكنها تفتح المجال أمام حلول مبتكرة.

وتدرب الوحدة الطالب على أهمية تعريف المشكلة بدقة، لأنه المدخل الأساس لحلها بشكل فعال.

 كما تؤكد على ضرورة تحديد متطلبات المشكلة وترتيب أولوياتها عند التفكير في الحل، وفي ختام الوحدة يتعرف الطالب على أداة التقييم التي تساعد الطالب على فحص مدى توافق الأفكار مع معايير الحل المطلوب.

ومن خلال هذه الأدوات، يصبح الطالب أكثر قدرة على التفكير بمرونة، والتعامل مع التحديات بعقلية ابتكارية.


5. الوحدة الخامسة: المعلومات والعواطف

تركز هذه الوحدة من برنامج تطوير التفكير على تمكين الطلاب من جمع وتقييم المعلومات بوعي، إلى جانب فهم مشاعرهم وتأثيرها على التفكير واتخاذ القرار. 

كما يتعلم الطلاب كيفية تحليل المعلومات للكشف عما تقوله وما يتم تجاهله، كما يدربون على طرح الأسئلة الفعالة.

وتعزز قدرة الطلاب على اختيار الحلول وتقييمها، مع الانتباه إلى التناقضات والمغالطات في البيانات.

 كما توضح الفرق بين التخمينات الصغيرة والكبيرة، وتحثهم على تقليل الاعتماد على الحدس من خلال جمع معلومات دقيقة.

ويتناول المحتوى أثر العواطف، سواء الطبيعية مثل الخوف والحب، أو الذاتية مثل الغرور، على التفكير العقلاني.

كما تشجع الطلاب على وعي القيم وتحديد أولوياتها في المواقف المختلفة، وتختم بالتفريق بين عمليتي التبسيط والتوضيح، بما يعزز الوضوح والفهم العميق في التفكير والتواصل.


6. الوحدة السادسة: العمل

تركز هذه الوحدة من كتاب الكورت على التفكير كعملية متكاملة لحل المشكلات، بدءًا من تحديد الهدف وحتى تنفيذ الخطة. 

ويتعلم الطلاب من خلالها مهارات متسلسلة تشمل تحديد الأهداف (T)، توسيعها وتحليلها (E)، ثم تلخيصها (C)، وصولًا إلى نموذج (TEC) كخطوات أولية.

 كما يتدربون على مراحل التفكير الخمس لحل المشكلات وهي تحديد الهدف (P)، جمع المدخلات (I)، توليد الحلول (S)، اختيار الأنسب منها (C)، ثم وضع خطة التنفيذ (O). وتختم الوحدة بتطبيق شامل لهذه الخطوات في نموذج (TEC-PISCO) العملي.


اقرأ أيضا:


الخاتمة:

وفي ختام حديثنا حول برنامج الكورت لتنمية التفكير الإبداعي، فيجب العلم أنه يركز في على استراتيجيات التبسيط المعرفي، حيث يطلب من المعلم تجنب التعقيد، وتقديم الدروس بطريقة واضحة تسهل على المتعلم الفهم، ويفضل توظيف مواقف تعليمية حقيقية وأمثلة محيطة بالطالب، مع التركيز على تنمية مهارات التفكير كهدف جوهري وليس كعنصر عرضي. 

تعليقات